Untitled by Y. Reemawi

By يوسف الريماوي, Out Of School

الغريبُ الذي أعرٍف

ذلكَ الرجلُ ذو اللّحيةِ الخفيفةِ والشعرِ الكثيف، والّذي اعتدتُ رؤيتَهُ عندَ محطَّةِ القِطار في طريقي إلى العملِ وهو ممسكٌ بحقيبتِهِ مُنتظرًا وصولَ القِطار بلا لهفة.

وتلكَ السيدةُ الخمسينيَّة، والتي أراها في المطعم في كلِّ مرَّةٍ أذهبُ هناكَ بينَ الثانيةِ والثالثةِ عصرًا، وعلى طاولتِها جريدةٌ، تقرأ حيناً وتلعبُ السودوكو أحيانًا.

وذلكَ العاملُ في الكنيسةِ المُقابلةِ لِبيتي، ذو الملابِسِ المُرقَّطَةِ بِطِلاء الجُدران والمقاعد، والّذي يأخذُ استراحةَ تدخينٍ في الرابِعةِ والرُّبع من كلِّ يوم.

كُلُّهم أشخاصٌ بلا أسماء ألِفتُ رؤيتَهم، غرباءُ أعرفُهُم وما تحدّثتُ معَ أحدِهِم يوماً، ومثلهم كثيرونَ لا يكتملُ مشهدُ اليوم، ولا يصبحُ المكانُ مكانًا، بدونهم.

أقولُ غرباء وأعرفُ أنّني أشعرُ بشيءٍ من الحُزنِ كلّما توقّفَ أحدُهُم عن الظهور حيثُ اعتدتُ رؤيتَه، حزنٌ أصعبُ ما فيه أنّني لا أعرفُ أينَ أذهبُ للسؤالِ عنه.

وقد أكونُ أنا في نَظرِ أحدِهم ذلك الرجلَ المتكئَ على عصاه، صاحبَ الشعرِ الطويل والملامحِ المتوسّطيّة، والّذي يألفُ رؤيتَهُ ويفتقدُه إن غاب، أو قد لا أكون..